د.زينب السعيد
في منتصف ابريل المنصرم لم تكن ( كذبة) تلك الاصوات غير المعتاده التي اهتزت لها الارجاء، كانت الخرطوم قبلها آمنة كالطفله المدلله في حضن امها.. قبل أن تنسج بليل خيوط( مؤامرة سامة) لتضحي في غضون ايام ( مشردة علي الابواب )صارت المدينة الخراب، تسكنها الغوغاء وتتكئ علي حوافها الاعيرة النارية، وتنام علي زنديها المدرعات وترصع سماؤه الراجمات،، حمل الابرياء ارواحهم في اكفهم وغادروا دون شئ تاركين حصادهم قربان للنيل والجروف والتراب،،حمي الوطيس ( بين الحق والباطل )كل السودان وخارجه لم يعد يسع اهل الخرطوم ،مامن( وعاء) يتسع لنا نحن الذين هجرنا وطننا بيوتنا وحياتنا قسرا ففي اعماقنا حسرة ووجع لانهائ ولايحده زمان ولامكان، وجع اكبر من الحدود الطبيعية المسماه فمانحسه( لا اسم له ) ..فرض علينا أن نغير حياتنا ونبدأ (نطف في أرحام الغيب)…قالوا ان الأعداء اخرجونا من ديارنا بغير حق ( لاجل تغيير ديمغرافي) للتركيبة السكانية؟؟؟ وقالو لأجل اطماع سياسية! بل قالوا لسرقة وطن !! عجبآ اي تغيير ياهؤلاء يخول لكم القتل والنهب والاغتصاب، يخول لكم أن تسكنوا في بيوت بنيناها طوبة طوبة..حملناها كالجنين .. نطفة فعلقة وتخلقت بنيان مرصوص،، رعيناه رضيع وهو يحبو حتي بلغ أشده…سهرنا وعملنا وجمعنا واشترينا حتي صارت كل زواياه تشبه احلامنا…واي سلطة وثروة ومقعد وكرسي تجري من تحته دماء وفرشه اشلاء ومقامه جماجم ولعنات؟؟ …فزعنا من فرط قسوة البشر…خرجنا نتلصص نطلب الامان ونامل أن نعود لبيوتنا وعوالمنا التي قضينا العمر فيها…ازدري العدو البغيض احلامنا…وعز عليه مقامنا وتطاول الكره والحقد في نفوس غير لوامة…فتركوا ساحة الوغي( حين ذاقوا بطش الرجال) وآثروا السلامة في ( مكامن الزكريات) ..اليوم.دخلوا بيتي كمثل الاف البيوت التي دخلوها !! دخلوا وكل همهم ( مغنم رخيص) …اشياء لايعرفون كم تساوى في مقام الزكري والحميمية والانتماء؟ هم قساة بلاقلب ولاخلق ولادين يستبيحون خصوصية الناس يعبثون بالاغراض والاعراض ، يلوثون اماكن تليت فيها القرآن، يرقدون علي فراش طالما تقلب فيه صاحبة من هم الحياة، ودعا فيه الله ليفرج همه،، …دخلوا بيتي وسرقوا حياتي ودفء روحي، قصصي وكتبي، خزانتي وعطري غرفتي وستائري واغنياتي ومسبحتي!! سرقوا تاريخي!! سرقوا وطني!! سكنوا حينا بيوت الجيران ماعاد فيها حي …(لا.هاجر…ولاعائشة..ولا امل…ماعاد الشباب يتجولون عائدين من الصلاة ومن العمل …محمد وسيف…عبده ومصعب… الاجراس صمتت…صوت الباعة الجائلين خرس…وبيوتنا كالحة في حالة حداد تفتقدنا كما فقدناها….
زاوية قبل الأخيرة…
ما كان مكتوباً بلا شك سنلقاه
لا شئ يمنعه فالله امضاه
جفت بذا صحف من قبل نشأتنا
ما بالنا نرغب الاتي ونخشاه
يا خايف من غد والامس يحزنه
يكفيك خوفا وحزنا ربك الله
زاوية اخيرة …
الي الذين يسرقون الكحل من عين القصيدة الي الذين سرقوا السودان والخرطوم ..عند الله تجتمع الخصوم..