الطاهر ساتي
:: بالأمس، ولأول مرة منذ أربع سنوات، وهي عمر حكومات ما بعد الثورة، نجحت (اليوم التالي) في الحصول على تقرير للمراجع العام ونشرته، وهو تقرير العام 2021، بحيث بلغ حجم الاعتداء على المال العام عامئذ (723 مليون جنيه)، وهذا مبلغ كبير مقارنة بما تم الاعتداء عليه في العام 2020، بحيث بلغ (500 مليون جنيه)، حسب التقرير.. أما حجم الأموال المعتدى عليها في الأعوام (2018، 2019، 2023)، فالله أعلم..!!
:: وفي الخاطر، عندما كان عضواً بالمجلس السيادي، كتب محمد الفكي سليمان ما يلي: (ظلَّ المراجع العام أحد أهمِّ خطوط الحرب على الفساد في الدولة، وعلى الرغم من التدمير المُمنهج الذي تعرَّضت له المؤسسات التابعة للسلطة التنفيذية والمُستقلّة عبر سياسة التمكين المعروفة؛ إلا أن تقرير المراجع العام ظلَّ حاضراً في كل الأعوام المُنصرمة، يكشف تعديات المؤسسات والهيئات والشركات الحكومية)..!!
:: ثم كتب: (مُعظم الجرائم على المال العام التي كان يكشفها المراجع العام، ولا يتمُّ اتخاذ إجراءات في مواجهة المعتدين فيها، ولكن يتم حفظها، ومع ذلك لم يتوقف عمل المُراجع العام عن ملاحقة المفسدين.. العام الوحيد الذي لم يَكشِف فيه المراجع العام عن تقريره هو عام الثورة والتغيير هذا.. أصبحت أبواب الحرية مُشرَعةً، والصحافة حرةً، والشعب ينتظر معرفة أين اختفت أمواله، تأخَّر نشْرُ تقرير المُراجع العام)..!!
:: ورغم ذاك النداء السيادي، بتاريخ 11 يونيو 2020، لم يتم عرض تقارير ما بعد الثورة للشعب الذي ينتظر معرفة أين اختفت أمواله؟، حسب تساءل الفكي.. لقد اختفت هيبة المراجع العام وتأثير تقاريره منذ سقوط نظام البشير وحتى عامنا هذا.. كل التقارير مخبوءة في أدراج العسكر ومن نلقبهم بالمدنيين.. وفي المسمى بالعهد البائد، فإن أكتوبر من كل عام، كان موعد عرض تقرير المراجع العام..!!
:: ولكن في المسمى بعهد الثورة، مضى أكتوبر حكومة حمدوك، ثم أكتوبر حكومة حمدوك أخرى، وأكتوبر حكومة البرهان، بلا أي عرض لأي تقرير، وكأن الشعب غير معني بما يحدث للمال العام.. والمؤكد أن المراجع العام رفع تقارير كل الأعوام لمن نلقبهم بالمسؤولين، بمجلسي السيادي والوزراء، وكان يجب عرضها ونشرها، ليعرف المواطن ما يحدث لموارده، وهذا ما لم يحدث..!!
:: وليس فقط مجلسي السيادي والوزراء، بل المراجع العام ذاته يخطئ بعدم نشر تقاريره في الجريدة الرسمية، كما ينص قانون الديوان.. ومن المعيب أن تظل التقارير (سراً) مثل الإعلان السياسي التابع للاتفاق الإطاري، وكذلك مثل العملية السياسية الجارية حالياً.. وعليه، يجب عرض تقارير المراجع العام بكل وضوح، إن لم يكن بغرض المُساءلة والمُحاسبة، فبغرض مُقارنتها بتقارير ما قبل الثورة، وليعرف المواطن إن كان هذا التغيير يمضي نحو الأفضل أم (في كل عام ترذلون)..؟؟