• معلوم أن العقل الإستراتيجي الأمريكي المتمثل في وكالة الأمن القومي (NSA) والمؤسسات المساعدة،، هو من يقوم بوضع كل المحددات ورسم كافة المسارات لخدمة أهداف الإستراتيجية الأمريكية التي بالطبع منها محور أهداف العلاقات الخارجية ..
• وأهداف علاقات وسياسات وتحركات الولايات المتحدة الخارجية تحكمها المصلحة الخاصة الأمريكية بالدرجة الأولى ثم من بعد المصالح المتداخلة والمتدرجة مع حلفائها التي تسهم أيضاً بطريق أو بآخر في رصيد مصالحها الخاصة .
• مجموعة ما يعرف بالقيم الأمريكية التي يعتبرها الامريكان مناط فخرهم والتي تبدأ من: الاستقلال والديمقراطية والخصوصية والمساواة، وتصل إلى المنافسة وأخلاقيات العمل والمهنة،، ومن الغريب في مجتمع أمريكا جنوح إلى (غير الرسمية) التي تدلل على أن المجتمع في كثير من الأحيان مسترخٍ وغير رسمي ـ وهذا ما قاد إلى النزعات الشعبوية الترامبية إبان زمان دونالد ـ ما يهمني هنا أن هذه اللافتة (القيم الأمريكية) معني بها الداخل الأمريكي، وتتنزل ويُدَافع عنها فقط في المجتمع الأمريكي،، لكنها لا توظف خارجيا إلا (عند الطلب) إن كان ابتزازاً أو ضغطاً أو تلويحاً لتحقيق المصالح أو تعديل المسارات صوب هذه المصالح،، وقائمة التناقضات الأمريكية في الخارج مع هذه القيم ملأى حتى المفيض بالانتهاكات الحربية والإنسانية وغيرها التي ترتكبها وتمارسها الأذرع الأمريكية دون تحقيقات أو مساءلة ، بل أكثر من ذلك و(بعين قوية) بعد أن وضعت نفسها في موضع القوى العظمى في العالم، تقوم أمريكا بتشريع ما يحصن ذاتها ومواطنيها عسكريين أو مدنيين من المساءلات أو الملاحقات القانونية الدولية، مثل ما اشترطته إزاء ميثاق روما بعدم خضوعها أو خضوع مواطنيها لمحكمة الجنايات الدولية.
• في الآونة الأخيرة صدرت تصريحات من بعض الجهات السياسية بالداخل ـ لا أستطيع أن أسميها قوى ـ تفسر تارة وتشرح تارة أخرى كنه ومرامي قرارات تصدر من بعض الموسسات الأمريكية بشأن السودان ،، مثل القرار الأخير غير الملزم الصادر من الكونغرس بشأن التطورات السياسية في السودان فيما بعد 25 أكتوبر، وللوهلة الأولى تحس بأن هذه الشروحات وتلك التفسيرات وكأنما تُدفع للمنصات الإعلامية ويتم الدفاع عنها نيابة عن متخذها، بل وبحماس أكثر من المطلوب أمريكياً على قياس (المتورك)، لا لشئ له ارتباط أصيل بأمريكا، غير أن هكذا قرارات تخدم خطط تلك الجهات الإعلامية والتحريضية في محاولاتها الحثيثة لتحقيق أهدافها السياسية المرحلية،، الأمر الذي يثير الضحك والشفقة في آن واحد .
• والضحك لأن الولايات المتحدة ليس لديها معاهدة مع تلك الجهات للتتناغم معها علي طريقة (ون / تو ) لتصدر قراراتها في واشنطون وتحقق هي أهدافها في الخرطوم حتى وإن تصادفت مع أهواء الأخيرة ـ والشفقة لأن تلك الجهات ـ تعلم أو لا تعلم ـ هي نفسها في فلك الضغوط الأمريكية والحمل على تحقيق ما تريده، لكنها تعلم (أي الجهات) أنها الحلقة الأضعف في هذه المعادلة إذا أفصحت أمريكا في يوم ما أن بداية تحقيق مصالحها في الإقليم وفي المنطقة بدأت بالتفاهمات مع القادة الذين قاموا بإجراءات 25 أكتوبر مثلاً .
• غير بعيد عن هذا كذلك بعض السودانيين (المتأمركين) الذين كلما خبأت الأضواء عنهم يجتهدون في تسليطها عليهم مرة أخرى، وإن كان عبر الإعلان عن حصولهم على وظائف طوعية في دوائر فرعية لبعض المعاهد، ومحاولة تصوير أنفسهم بأنهم دهاقنة العلاقات السودانية الأمريكية، وهم ليسوا إلا أدوات ـ وغير أساسية ـ في إخراج مسرحيات مجموعات الضغط المحسوبة على أحد حزبي أمريكا ـ كمسرحية تمثيل ضحايا الحرب،، وتاريخ حياتهم في أمريكا كان على (الهامش)، أو ذروة ما فتح الله به على من اجتهد أكاديمياً كان خدمة بعض السفارات العربية في الوظائف المساعدة وليست الأصيلة حتى رغم الادعاء الكذوب،، وهذا القول ليس من باب التقليل الذاتي لشخوصهم لكن لمقابلة الادعاءات التي فضحها توليهم للمسئوليات في البلد على حين غفلة ولم نجد أنهم دهاقنة (ولا حاجة) في تصليح العلاقة مع (أمريكتهم) بل ظلوا كما كانوا قبلاً في الموضع السيئ في مجتمع أمريكا، ألا وهو موضع التوظيف فقط لتحقيق أهداف مجموعات الضغط، وهم رضوا بأن يظلوا فقط أبواق تحريض وتغبيش وتشويش معتمدين عبر كل العهود ،، وإلى الملتقى ..